[center]قبر عبد الرحمن بن عوف
رضي اللّه عنه
حدثنا محمد بن يحيى قال، أَخبرني عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبد العزيز، وراشد بن حفص، عن حفص بن عمر بن عبد الرحمن قال: لما حَضرَت عبدَ الرحمن بن عَوْف رضي الله عنه الوفاةُ بعثت إِليه عائشة رضي الله عنها: يا بُني، هذا موضع قد حَبَسْتُه لك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخُذْ به. فقال: إِني سمعتك تقولين: ما وَضعْتُ خمَاري منذ دُفن عُمَر رضي الله عنه، فأَكره أَن أضيِّق عليك بَيْتك، ونتَّخذ بَيْت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبرة، ولي بعُثْمَان بن مَظْعُون أُسْوَة، قد كنت عاهَدْتُه لئن هَلكْنا بأَرضٍ جميعًا لنُدْفَنَنَّ بها.
قال، وأَخبرني عبد العزيز، عن سعيد بن زياد، مولى سهلة بنت عاصم بن عدي، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف قال: أَوْصَى عبدُ الرحمن بن عوف رضي الله عنه إِنْ هلك بالمدينة أَنْ يُدْفن إِلى عثمان بن مَظْعُون، فلما هلك حُفِرَ له عند زاوية دار عقيل الشرقية فدُفن هناك، عليه ثوب حِبَرَة من العصب ، أَتمَارَى في أَن تكون فيه لحمَةُ ذهب أَوْ لا.
قبر سعد بن أبي وقاص
رضي اللّه عنه
حدثنا محمد بن يحيى قال، أَخبرني عبد العزيز بن عمران، عن عبد الرحمن بن خارجة قال، أَخبرني ابن دهقان قال!: دعاني سعد بن أَبي وقاص فخرجت معه إِلى البقيع، وخرج بأَوْتاد حتى إِذا جاء من موضع زاوية دار عقيل الشرقية الشامية، أَمرني فحَفرْتُ، حتى إِذا بلغتُ باطنَ الأَرض ضرَب فيها الأَوتاد، ثم قال: إِن هلكتُ فادْلُلْهُم على هذا الموضع يَدْفنُوني فيه. فلما هلك قلت ذلك لولده، فخرجنا حتى دَللتُهم على ذلك الموضع، فوجدوا الأَوْتادَ، فحفروا له هناك ودَفنُوه.
قبر أبي النبي
صلى الله عليه وسلم
حدثنا محمد بن يحيى قال، أَخبرني عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عبيد الله بن كريم، عن أَبي زيد النجاري قال: قبر عبد الله بن عبد المطلب في دار النابغة- قال عبد العزيز: ووصفه لي ابن كريم فقال: تحت عَتبَة البيت الثاني على يسار من دخل دار النابغة.
قال عبد العزيز، وأَخبرني فليج بن سليمان قال: قبره في دار النابغة .
قبر آمنة أم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
حدثنا صدقة بن سابق قال، قرأت على محمد بن إِسحاق، حدثني عبد الله بن أَبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أَن أُمّه صلى الله عليه وسلم توفيت وهو ابن ست سنين بالأَبْوَاء بين مكة والمدينة، كانت قدمت به المدينة على أَخواله بني عَليّ بن النجار تُزيرُه إِياهم، فماتت وهي راجعة إِلى مكة.
حدثنا أَحمد بن إِبراهيم قال، حدثنا نوح بن قيس قال، حدثنا الوليد بن يحيى، عن فرقد السبخي، عن رجل، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: كنا نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم إِذ مرّ بقبر فقال: أَتدرون قبر، من هذا? قلنا: اللّه ورسوله أَعلم. قال: قبر آمنة، دَلَني عليه جبريلُ عليه السلام.
حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن أَبي سليمان بن أَبي بريدة، عن أَبيه قال: لما فتح صلى الله عليه وسلم مكة أَتى حرم قبر فجلس إليه، وجلس الناس حوله، فجعل كهيئة المخاطب، ثم قام وهو يبكي، فاستقبله عمر رضي اللّه عنه - وكان من أَجْرَإ الناس عليه- فقال: بأَبي أَنت وأمي يا رسول الله، ما الذي أَبكاك. قال: قبر أُمي، سأَلت الله الزيارة فأَذن لي، وسأَلته الاستغفار فلم يأْذن لي، فذكرتها فوقفت فبكيت. فلم أَرَ يَوْمًا كان أكَثر باكيًا من يومئذ.
حدثنا هارون بن معروف قال، حدثنا ابن جريج، عن أَيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأَجدع، عن عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وخرجنا معه حتى انتهى إِلى المقابر، فأَمرنا فجلسنا، ثم تخطَّى القبورَ حتى انتهى إِلى قبر منها، فجلس فناجاه طويلاً، ثم ارتفع نحيبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيًا، فبكينا لبكائه، ثم إِنه أَقبل إِلينا، فتلقاه عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ما الذي أَبكاك يا رسول اللّه. فقد أَبكانا وأَفزعنا. فأَخذ بيد عمر رضي الله عنه، ثم أَقبل إِلينا فقال: أَفزعكم بكائي. قلنا نعم. قال: إِن القبر الذي رأَيتموني أُناجي قبر آمنة بنت وهب، وِإني استأْذنتُ ربي في الاستغفار لها فلم يأْذن لي، ونزل عليّ "مَا كان للنَبي والَذين آمَنُوا أنْ يستَغْفرُوا للْمُشْركين" التوبة 112: حتى تنقض الآية "وَمَا كان اسْتغفارُ إبْرَاهيمَ لأَبيه" التوبة 114، فأَخذني ما يأْخذ الولدَ للوالد من الرّقة، فذلك الذي أَبكاني.
حدثنا فليح بن محمد اليماني قال، حدثنا سعيد بن أَبي سعيد المَقْبُري قال، حدثني أَبي، عن جده، عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة علي قبر من قبور الجاهلية فقال: "أَلا إِن هذا قبر أم محمد، استأذنت ربّي في أَن آتيه فأسلم وأَستغفر، فأَذن لي أَن آتيه، ونهاني أَنْ أَستغفر".
حدثنا سُوَيْد بن سعيد قال، حدثنا أَسد بن راشد، عن كُرَيْب بن شُرَيْح، عن بشر النَّدَبي، عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فخلا عن ناقته ولم تكن تقر لمنافق، فأخذَ برأسها رجل فقرت له، فقبل رأسها، فدنا النبي صلى الله عليه وسلم من المقبرة فجعل يدعو حتى ظننا أَنه قد نزل فينا شيء، وتوجّه عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه فلما رآه أَقبل إِلينا بوجهه فقال: هذا قبر آمنة بنت وهب الزهرية أُم رسول صلى الله عليه وسلم، وإِني سأَلت ربي أَن يشفّعني فيها، فأَبى عَلَيّ.
حدثنا عبد الواحد بن غياث قال، حدثنا الحسن بن أَبي إِبراهيم قال، حدثنا فرقد السبخي، عنِ إِبراهيم النخعي: أَن النبي صلى الله عليه وسلم خرج هو وأَصحابه في حجة الوداع إِلى المقابر، فجعل يتخرّق تلك القبور حتى جلس إِلى قبر منها، ثم قام وهو يبكي، وقال: "هذا قبر أمّي آمنة، وإني استأْذنتُ ربّي أَن أَستغفر لها فلم يأْذن لي".
قبر أم حبيبة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم رضي اللّه عنها
حدثنا محمد بن يحيى قال، أَخبرني عبد العزيز بن عمران، عن يزيد بن السائب قال، أَخبرني جدي قال: لما حفر عقيل بن أَبي طالب في داره بئرًا وقع على حجر منقوش مكتوب فيه: قبر أُم حبيبة بنت صخر بن حرب، فدفن عقيل البئر، وبنى عليه بيتًا. قال يزيد بن السائب: فدخلت ذلك البيت فرأَيت فيه ذلك القبر.
قبر أم سلمة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها
حدثنا محمد بن يحيى قال، سمعت من يذكر: أَن قبر أُم سلمة رضي الله عنها بالبقيع، حيث دفن محمد بن زيد بن علي، قريبًا من موضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَنه كان حَفَرَ، فوَجَدَ على ثماني أَذرع حجراً مكسورًا، مكتوبًا في بعضه: أُم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فبذلك عرف أَنه قبرها. وقد أَمر محمد بن زيد بن علي أَهْله أَن يدفنوه في ذلك القبر بعينه، وأَن يحفر له عمقًا ثماني أَذرع، فحفر كذلك ودفن فيه.
ومما وجدته كتب عن أَبي غسان، ولم أَسمعه منه، وذُكرَ عن عبد العزيز بن عمران، عن عمه محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب، عن أَبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: لما توفي إِبراهيم ابن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أَمر أَن يُدْفن عند عثمان بن مَظْعُون، فرَغبَ الناسُ في البقيع، وقطعوا الشجر، واختارت كل قبيلة ناحية، فمن هناك عرفت كل قبيلة مقابرها.
قال عبد العزيز: وكان ابن خديجة في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أُمه، فلما توفي حفر له على قارعة الطريق التي بين زقاق عبد الدار التي باب دارهم فيها، وبين بقيع الغرقد الذي يتدافن فيه بنو هاشم اليوم، وكفَنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في قبره، ولم ينزل في قبر أَحد قط إِلا في خمسة قبور: منها قبور ثلاث نسوة، وقبرا رجلين، منها قبر بمكة، وأَربعة بالمدينة: قبر خديجة زوجته، وقبر عبد الله المزني الذي يقال له: عبد اللّه ذو البجادين، وقبر أم رومان أُم عائشة بنت أَبي بكر، وقبر فاطمة بنت أَسد بن هاشم أُمّ عَليّ.
فأَما ذو البجادين، فإن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لما أَقبل مهاجراً إِلى المدينة وسلك ثنية الغابر وَعُرَت عليه الطريق وغلُظت، فأَبصره ذو البجادين، فقال لأَبيه: دعني أَدُلُهم على الطريق فأَبى، ونزع ثيابه فتركه عريانًا، فاتَخذ عبد اللّه بجَادًا من شعْر فطرحه على عورته، ثم عَدَا نحوهم، فأخذ بزمام راحلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأَنشأً يرجز ويقول:
هذا أَبو القاسم فاستقيمي
تَعرَّضي مَدَارِجًا وسُومي
تَعرُّضَ الجوزاء للنجوم
قال: وقد روى عبد العزيز هذه الأَبيات ليسار غلام بُرَيْدَة بن الخصيب، فإما أَن تكون لأحدهما وتمَثَّلَ بها الآخر، وِإما أَن تكون لغيرهما وتمثلا بها جميعًا.
وكان عبد العزيز كثير الغلط في حديثه، لأَنه أَحرق كتبه، فإنما كان يحدّث بحفظه.
قال عبد العزيز: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اشتكى ذو البجادين، فمرّضه رسول الله- صلى الله عليه وسلم ثم هلك، فكَفَنَه وصلى عليه، ودخل في قبره.
?وأَما فاطمة بنت أَسد، أُم علي بن أَبي طالب، فإن عبد العزيز حدَث، عن عبد الله بن جعفر بن المسْوَر بن مَخْرَمة، عن عمرو بن ذُبْيَان، عن محمد بن علي بن أَبي طالب قال: لما استقر بفاطمة، وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِذا تُوُفَيَت فأَعلموني. فلما تُوُفيت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَمر بقَبْرها، فَحُفرَ في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة، ثم لحد لها لحدًا، ولم يَضْرَح لها ضريحًا، فلما فرغ منه نزل فاضطجع في اللّحد وقرأَ فيه القرآن، ثم نزع قميصه، فأَمر أَن تُكَفَن فيه، ثم صلى عليها عند قبرها فكبر تسعًا وقال، ما أعفيَ أَحدٌ من ضغطة القبر إلا فاطمة بنت أَسد. قيل: يا رسول الله، ولا القاسم. قال: ولا إِبراهيم. وكان إِبراهيم أَصغرهما.