ارض مدين......؟؟؟؟؟

هذا الموضوع نشر في صحيفة عكاض يو الجمعة 28/12/1428 العدد:2392


يشهق البصر من فرط الدهشة وهو يلامس المشهد الجمالي المتمثل في تمازج ظلال أشجار النخيل على شواطئ مقنا وقيال بالبدع ويرسم لوحة بانورامية تمنح لهذا المكان حضوره واطلالته المتميزة كل هذا البهاء يمنح مدينة البدع خصوصية تتداخل مع كونها شاهدة على التاريخ ومتآلفة معه فمدينة البدع هي أرض نبي الله شعيب عليه السلام. وهي مكان مليء بالعبقرية والعمق وبها مقومات زراعية كما أنها وجهة سياحية لأهالي تبوك وزوار المنطقة. تقع مدينة البدع في الطرف الشمالي الغربي من المملكة وتبعد عن مدينة تبوك بمسافة 225 كلم كما تبعد عن أقرب منطقة من البحر مسافة 28 كلم، ويرجع سبب التسمية لها بالبئر الذي أبدع في عمله ويرجح ان الاسم الحقيقي لها هو «مدين» حيث ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة القصص. يقول عالم الآثار الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري ان اعمال التنقيب التي تمت في البدع في انصاف الدوائر الحجرية بموقع أبا لعجل ثم التحليل ودراسة الرسوم الصخرية، اضافة الى دراسة عن قطع محجر قطع الرخام بجبل اللوز وموقع مصيون «الجش» تكشف عن مدى أهمية تلك المنطقة من الناحية الأثرية، ويضيف الدكتور الانصاري ان الأهمية الكبرى لمنطقة تتمثل بأهمية موقعها الاستراتيجي الواقع على طرق تجارية وبرية وساحلية وداخلية.
واشار الى ما أثبتته الدراسات الأثرية من ان «البدع» كانت مأهولة سكنيا منذ العصر الحجري القديم وحتى اليوم، والى ربط الروايات والأساطير التاريخية لمنطقة البدع بتاريخ النبي موسى عليه السلام وأنه اقام بها بعد خروجه لأول مرة من مصر هاربا من فرعون الا ان النتائج والأدلة العلمية والأثرية من خلال هذا البحث العلمي لم توفر ما يؤيد هذه القصص والأساطير وكان لابد لنا ايضا ان نلتقي بباحث الاثار بمنطقة تبوك يعرب بن حسن العلي الذي قال: يوجد بالبدع مدائن شعيب عليه السلام وهي عبارة عن كهوف منحوتة داخل الجبال بطريقة هندسية رائعة تنم عن حضارة قديمة وتمثل كذلك بيوتا منحوتة داخل الجبال وداخل هذه البيوت غرف مفصلة تفصيلا دقيقا، كما شيدوا لها مقابر داخل البيوت المنحوتة وهذه المقابر منفصلة عن البيوت ورسمت بعض النقوش والزخارف الاسلامية بطريقة هندسية جميلة وعريقة، نحت البيوت يأتي من ناحية سفوح الجبال المائة وينحتون الجبال بطريقة عكسية حتى اذا جاءت الامطار لا تدخل منازلهم، كما تم اختيار هذه البيوت في مواقع مرتفعة عن خطر السيول لوقوع البدع في وادي عفال أكبر أودية المنطقة طولا واتساعا وكثيرة روافده وما يتبعه من أودية وشعاب، كما تم اختيار مواقع هذه البيوت بالجبال وليس بالسهول لأهمية استراتيجية آنذاك، ورغم تقلبات الجو كالرياح والامطار والشمس على هذه الاثار ولكنها قاومتها بقدرة الله وجعلتها عاجزة عن محو فن المعمار النبطي.
حاضر مشرق
اما المواطن احمد سليم المسعودي فيقول: رغم ما تكتنزه البدع من آثار وحضارات قديمة إلا انها تعيش اليوم حاضرا مشرقا فهي مدينة سياحية وزراعية وتجارية تمتلك الطبيعة البكر وتحفها الجبال العالية ذات الألوان الزاهية، كما تكسوها الخضرة والثلوج في الربيع ويمر في وسطها وادي عفال ولا تزال الاشجار متوفرة بالبدع اضافة الى البساتين والتربة الصالحة للزراعة، وتشتهر البدع بالزراعة الموسمية وخاصة الطماطم حيث ان طماطم البدع من أجود أنواع الطماطم في بلادنا، ويضيف احمد سليم لقد كانت البدع قبل عام 1400هـ قرية صغيرة لا تتجاوز مساحتها العمرانية 6كم2 ولا يتجاوز عدد المساكن بها 200 منزل وكانت المساكن متناثرة والخدمات قليلة ولكن بفضل الله ثم بالتطور العمراني الذي شهدته بلادنا في العقدين الاخيرين فقد تطورت البدع اليوم واختلفت كثيرا عن الامس واتسعت رقعتها العمرانية من 6كم2 الى أكثر من 250كم2 وزاد عدد المنازل من 200 الى اكثر من 5000 وحدة سكنية فيما ارتفع عدد سكانها الى أكثر من 18 ألف نسمة وانتشرت كافة الخدمات التعليمية والصحية والبلدية والحدائق العامة في المدينة.
المعالم السياحية
اما العم سليم المسعودي أبو علي فقال: تعتبر شواطئ مقنا و الشيخ حميد وقيال أبرز المعالم السياحية لمدينة البدع لقربها من المدينة ولتميزها بعدد من المميزات الفريدة، ويضيف المسعودي ان شواطئ مقنا تعد من أجمل الشواطئ البكر على امتداد ساحل البحر الأحمر في بلادنا وتقع تحديدا غرب مدينة البدع على بعد 28كم وتعد المتنفس الأول لأهالي البدع ومقصدا للزوار والسائحين رغم افتقادها لأدنى مقومات السياحة من المشاريع الاستثمارية، وتتميز «مقنا» بانتشار البساتين واشجار النخيل والعيون الجارية وشواطئها غنية بالشعاب المرجانية وهي مناسبة لرياضة الغوص ويلفها الهدوء والمتعة بمناظرها الساحرة ورمالها الناعمة.
يقول عضو المجلس البلدي بمركز البدع سويلم المسعودي ان شاطئ الشيخ حميد يقع أسفل خليج العقبة ويمثل أحد قطبي مضيق خليج العقبة والمقابل لمدينة شرم الشيخ المصرية المعروفة في شبه جزيرة سيناء، ويبعد الشاطئ عن مدينة البدع مسافة 75كم وهو غني بالجزر الصغيرة والشواطئ البكر وهو متنزه طبيعي بحري يمتد من «مقنا» شمالا حتى «قيال» جنوبا بمسافة لا تقل عن 80كم ويمتلك كل مقومات الجمال الطبيعي للبيئة البحرية الغنية بالشعاب المرجانية والشواطئ الرملية الناعمة والمرتفعات المطلة على البحر وبها كافة مقومات الهوايات البحرية السياحية.
وأضاف: ان شواطئ «قيال» كأبرز الشواطئ الرائعة على ساحل البحر الأحمر و «قيال» قرية ساحلية صغيرة تقع على الجزء العلوي من البحر الأحمر شرق الشيخ حميد وجنوب مدينة البدع في نهاية وادي عفال وهي قرية قديمة بها غابة كثيفة من النخيل ولها شواطئ جميلة رائعة ذات رمل ناعم ومناخها حار صيفا معتدل شتاءً وتشتهر قيال بصيد الأسماك لموقعها الاستراتيجي من جزر غنية بالشعاب المرجانية وتشتهر ايضا بزراعة النخيل وتمتاز بموقع عالمي حيث انها بوابة دولية لعبور الطيور المهاجرة من قارة افريقيا الى قارة آسيا والتي تتوقف فيها ومن تلك الطيور (القمري، السمان والصقور) ويقصدها هواة الطيور من شتى أنحاء المملكة ومن دول الخليج العربي.